مكتشفو المواهب من الرياضيين في الجامعات لم يكونوا يسعون خلفي! وكنت أعتقد أنني إذا أصبحت لاعباً محترفاً في سِنّ الخامسة عشرة، فإنها الوسيلة الأفضل والأسرع لتطوير طريقتي في اللعب.

توم كيم، وكيلي ليفنز

اسمي الحقيقي هو جو هيونغ، ومنذ نعومة أظفاري أحببت شخصية توماس (القطار البخاري أزرق اللون) من مسلسل الرسوم المتحركة توماس والأصدقاء، إلى درجة أن بعض الأشخاص كانوا يُطلقون عليّ اسم توماس. ومنذ ذلك الحين أصبح اسمي توم، حتى إن أخي الأكبر يناديني بهذا الاسم أيضاً.

كانت عائلتي قد انتقلت إلى أستراليا بعد أن عاشت لفترة وجيزة في كوريا الجنوبية والصين، حيث أراد والدايّ أن نتعلم اللغة الإنجليزية (واحدة من ثلاث لغات أتقنها اليوم). وهناك، عَمِدت إلى رياضة الكريكيت وكرة السلة وحتى كرة القدم الأسترالية، لكن كنت أشعر أنها لا تناسبني، حتى بدأت بتجربة رياضة الجولف عندما بلغت السادسة من عمري. وعلى الرغم من أن والدي كان يشارك في جولات الجولف المصغرة قبل أن يصبح مدرباً محترفاً، إلا أن رياضة الجولف لم تُفرض عليّ أبداً، وهي الرياضة الوحيدة التي لا أشعر بالضجر منها.

يُشار إلى أن تكلفة المعيشة في أستراليا ارتفعت شيئاً فشيئاً، وقرر والدايّ العودة إلى مسقط رأسهما في قارة آسيا، وشكّلت الفلبين أفضل الأماكن لإقامة العائلة والوجهة الأنسب لرياضة الجولف. كنت في الثالثة عشرة عندما انتقلنا للعيش هناك. بدأ والدايّ بتدريبي على لعب الجولف في المنزل حتى أتمكن من ممارستها بأكبر قدر ممكن؛ فالجولف لم تكن تحظى باهتمام كبير في الفلبين.

كنت محظوظاً للغاية بتلقي دعوة من أحد أفضل أندية الفلبين للعب ضمن فريقه، الأمر الذي أتاح لي الوصول بشكل كامل إلى جميع مرافق النادي. أذكر أنني كنت في قمة حماستي لدرجة أن أصبح لدي مكانٌ لأتدرب فيه. حينها عزمت على تطوير قدراتي في هذه اللعبة وبالتالي الصعود والتغيير لأصبح مُحترفاً. كنت واحداً من لاعبين اثنين فقط في النادي ينجحان في الحصول على تذكرة للمشاركة في جولة عالمية للجولف.

●●●

كنت في الخامسة عشرة من عمري عندما أصبحت لاعباً محترفاً، وفزت في جميع بطولات الهواة الكبرى بالفلبين، لكن هذا الأمر لم يُثِر انتباه مكتشفي المواهب من الرياضيين في الجامعات، إذ إنهم لم يسعوا خلفي. كنت أطمح إلى الاحتراف مُبكِراً وظننت أن هذا القرار سيكون السبيل الأسرع والأفضل لتطوير قدراتي في لعب الجولف. عقب ذلك، انتقلنا للعيش في تايلند لأنه كان بإمكاني اللعب مع المحترفين هناك بعد أن أبلغ الـ 16 عاماً، وهو الحد الأدنى من العمر المسموح به للمشاركة في الجولة التأهيلية الآسيوية. وعلى الرغم من عدم نجاحي في الجولة التأهيلية، إلا أن نجمي بدأ يسطع بعد الفوز ثلاث مرات في الجولة التنموية.

●●●

كنت الأصغر سناً بين اللاعبين هناك، وكنت فخوراً بذلك.. أيضاً كنت أصغر اللاعبين حجماً في جميع البطولات، وتسديداتي قصيرة من منطقة البداية، إذ كنت أحتاج إلى ضربتين إضافيتين في أغلب الأوقات قبل أن تستقر الكرة في المنطقة الخضراء، مقارنةً باللاعبين الآخرين. وقد ساعدني التفكير بكيفية التفوق عليهم في تطوير تسديداتي، حتى أصبحت أتقن استخدام المضارب الحديدية الطويلة بشكل جيد، لدرجة أنني بدأت الاعتماد عليها أكثر من المضارب الحديدية القصيرة. وإلى يومنا هذا، لا ترتجف يديّ عند استخدام المضارب الحديدية الطويلة.

●●●

دائماً ما يسافر أحد والديّ معي، وفي معظم الأوقات يكون أبي من يرافقني؛ فقد كان يحمل حقيبة المضارب الخاصة بي، ويعمد إلى توجيهي أحياناً إذا تطلب الأمر. كنا نسعى جاهدين لتوفير المال، إذ لم أكن أملك شيئاً؛ فالبطولات التي كنت أشارك فيها لا تزيد قيمة جوائزها على 50 ألف دولار أميركي. كل ما كان عليّ فعله هو تقديم أفضل ما لديّ لأتمكن من الاستمرار في اللعب خلال الأسبوع اللاحق. كنت أسمع اللاعبين الآخرين يتحدثون عن ترفيه أنفسهم بحفلات عشاء كبيرة بعد فوزهم بالبطولات، غير أن ذلك لم تكن حالي على الإطلاق؛ كنت أخشى من عدم قدرتي على تلبية احتياجاتي الأساسية. والآن لست مجبراً على التفكير بمثل هذه الأمور، لكن من الصعب نسيان تلك الأوقات. وعندما أحجز تذاكر الطيران الآن، أذكّر نفسي على الدوام أنه ليس عليّ البحث عن تذاكر أقل سعراً، فضلاً عن إمكانية الإقامة في فندق بالقرب من الملعب، وإن ارتفع الثمن.

●●●

بعد مرور نصف موسم في الجولة الآسيوية، ألقت جائحة كوفيد بظلالها على العالم، حينها توقفت الجولة الآسيوية لمدة عامين تقريباً، قبل أن أعود للمشاركة في الجولة الكورية للجولف لعامي 2021 و2022. كان من الرائع الإقامة في مكان أنت مُلِماً به وتشعر بالراحة فيه، حيث يمكنك التعرف إلى المكان الذي يمكنني التدرب فيه، وتناول الطعام وحتى النوم بأمان. هذا الأمر من شأنه أن يساعدني في صفاء ذهني ويُشعرني بالانتعاش قبل اللعب.

●●●

أثناء إقامتي في كوريا، كان لدي هدف واحد، وهو الاستعداد لمنافسات كورن فيري التأهيلية، لكن لسبب ما لم أنجح في الحصول على بطاقة التأهل. ومع بداية موسم 2022، اقتصرت مشاركتي على الجولة الآسيوية، لكن الأشهر الثمانية التي تلت ذلك غيرت حياتي بشكل كامل.

●●●

حصلت على بطاقة المشاركة في بطولة اسكتلندا المفتوحة وحللت بالمركز الثالث، قبل أن أتأهل للمشاركة في البطولة المفتوحة للجولف، إلى جانب المشاركة بشكل مؤقت في بعض المنافسات ضمن جولة رابطة محترفي الجولف. بعد بضعة أسابيع حللت بالمركز السابع في ديترويت، وفي الأسبوع التالي فزت في بطولة ويندهام للجولف. وبعد إتمام إجراءات ومراسم ما بعد الجولة، عدت إلى الفندق واستلقيت على السرير في محاولة مني لاستيعاب طعم الفوز في إحدى منافسات جولة رابطة محترفي الجولف وتحقيق هدف لطالما حلمتُ به. ولشدة سعادتي، لم أتمكن من النوم قبل الساعة الواحدة بعد منتصف الليل. بعد ذلك، حصلت على بطاقة المشاركة بشكل كامل في جولة رابطة محترفي الجولف للموسم المقبل، فضلاً عن المشاركة في نهائيات كأس فيدكس، وبطولة الكأس الرئاسية للفِرَق.

●●●

في البداية، لم يصدق والدايّ أنني حققت الفوز، ولم يتركا لي المجال لأنسى تجاربي السابقة: «احتفل بالفوز، لكن في الوقت ذاته لا تنس الماضي». إنهما يعلمان جيداً أن ما حققته يُعَد رائعاً، وما سأحققه في الأيام المقبلة سيكون أفضل بكثير.

●●●

من بين جميع النصائح التي قدمها لي والدي، فإن المفضلة لدي هي «ابذل قصارى جهدك الآن حتى لا تشعر بالذنب عندما تتقاعد». وأمي تدعم أبي وتتمسك بهذه النصيحة أيضاً، وهو النهج الذي أتبعه في حياتي؛ فإذا ثابرت وواصلت على هذا المنوال، أنا على يقين بأنني لن أشعر بالندم، وسأكون مُدرِكاً لما فعلت، وأنني فعلت ما بوسعي.