حقوق الصورة محفوظة – سكوت تايتش / ليف قولف

من منا لم يصل إلى حافة الاستسلام بعد ضياع فرصة إدخال الكرة بثلاث ضربات تحت المعدل، أو أخطأ في إخراج الكرة من المنطقة الرملية المتاخمة لأية حفرة بسبع ضربات! لا بأس بذلك؛ فاللاعب أنيربان لاهيري أصبح مثلاً يُحتذى في الإصرار والعزيمة وعدم الاستسلام مهما آلت إليه الظروف.

لقد حظي اللاعب ذو الأصول الهندية البالغ من العمر 35 عاماً والفائز بسبع بطولات ضمن الجولة الآسيوية، بموسم حافل تُوِّج بتجاوز التحديات وتذليل الصعاب، حيث ساعد فريقه «كراشرز» ونجح في التربع على مركز الصدارة بالجولة الافتتاحية لسلسلة بطولات «ليف قولف» في ماياكوبا لموسم 2023، وذلك بعد تدني مستواه في مدينة توسان، وتبوؤ المركز الثاني في منافسات سلسلة البطولات الدولية بفيتنام خلف المتصدر كيران فنسنت، تلاها بنتيجة مشابهة خلال منافسات سلسلة ليف قولف في أديليد التي أقيمت في شهر أبريل (نيسان) الماضي، وبعد بدء الجولة الأخيرة متخلفاً بـ 11 ضربة عن الفائز في المنافسة، تالور غوتش.

وذكر أنيربان لاهيري خلال لقائه بمحرر مجلة جولف دايجست الشرق الأوسط، أنه عاش أوقاتاً رائعة خلال الجولة الآسيوية، وأضاف: «على الرغم من أنني أضعت فرصة الفوز بأحد ألقاب سلسلة البطولات الدولية بفيتنام، إلا أن السفر إلى مختلف الأماكن، مثل سنغافورة وأستراليا وغيرها من الدول، ضمن منافسات الجولة الآسيوية وسلسلة ليف قولف، يعد فرصة رائعة للتعرف إلى مختلف الثقافات وتجربة الملاعب».

كان لاهيري قد حظي بقليل من الوقت للاسترخاء، حيث يستعد في الوقت الحاضر للمشاركة في منافسات سلسلة البطولات الدولية على أراضي المملكة المتحدة، قبل التوجه إلى إسبانيا للمشاركة بمنافسات ليف قولف في نادي فالديراما، والعودة مرة أخرى إلى ملعب نادي سنتشورين بالقرب من لندن.

في هذا الشأن يقول لاهيري: «سنعود إلى إنجلترا للمشاركة في منافسات الجولة الآسيوية وسلسلة ليف قولف، ثم ننطلق بعدها إلى ملعب سانت أندروز باسكتلندا للمشاركة في بطولة فيرمونت من سلسلة البطولات الدولية، قبل إنهاء الموسم في جدة للمشاركة في نهائي سلسلة بطولات ليف، المدينة التي بدأنا الموسم فيها مع البطولة السعودية الدولية المقدمة من صندوق الاستثمارات العامة التي أنعشت بدورها الجولة الآسيوية».

وأضاف: «هذا أفضل ما حدث للجولة؛ فبعد الأثر الكبير الذي خلّفته الجائحة، جاءت استثمارات ليف قولف لتدعم الجولة الآسيوية وترسخ من مكانتها. كما أننا سنشهد تغيراً في طريقة المشاركة بسلسلة بطولات ليف قولف لعام 2024 المقبل، حيث يحجز متصدر تصنيف اللاعبين في الجولة الآسيوية، تذكرته تلقائياً للمنافسة في البطولات، في حين يتنافس أفضل 30 لاعباً في الترتيب لحجز المقاعد المتبقية».

علاوة على ذلك، أعرب لاهيري عن سعادته بفرصة توطيد العلاقات مع اللاعبين الآخرين خلال المشاركة بمنافسات الفرق من سلسلة ليف قولف، حيث يلعب حالياً إلى جانب بريسون ديشامبو وبول كيسي وتشارلز هويل الثالث في فريق «كراشرز» الذي يحتل المركز الخامس حالياً بعد المشاركة في أربع منافسات، والفوز بالمركز الأول والثالث والمركز الرابع في مناسبتين. يقول لاهيري: «المشاركة في سلسلة بطولات ليف قولف أمر مذهل. كما أن الفريق يعيش أوقاتاً يسودها روح الاتحاد والتعاضد، وخبرات أفراد الفريق مثل كيسي وبريسون تمد الفريق بالقوة، في حين قدم تشارلز أداءً مبهراً في الجولة الافتتاحية بماياكوبا، وكان مؤثراً في نتائج الفريق الحالية».

لقد استفاد لاهيري من وحدة الفريق كثيراً، إلى جانب دعم العائلة والتحلي بالمرونة العالية، بالنظر للأحداث المأساوية التي وقعت خلال وجوده في مدينة أديليد الأسترالية.

ففي إحدى عطلات نهاية الأسبوع، كان لاهيري قد أحرز نتيجة 66 و65 على ملعب نادي ذا غرينج، وهي نتيجة مشابهة لما خاضه ضمن منافسات سلسلة البطولات الدولية في فيتنام، حيث سجل في الجولتين النهائيتين نتيجة 67 و64 (13 تسديدة تحت المعدل). وعلى ملعب كيه إن لينكس، كان لاهيري على مقربةٍ من تحقيق الانتصار، غير أن الجولة انتهت لصالح اللاعب فينسنت بفارق ضربة واحدة.

جاءت هذه النتائج بعد بضعة أسابيع من الظروف الصعبة التي شهدتها عائلته، والتي أدت إلى توقفه عن ممارسة القولف لمدة أسبوعين قبل أن يغادر إلى فيتنام.

كان لاهيري يستعد للمشاركة في بطولة ليف قولف بمدينة أورلاندو عندما ورده اتصال هاتفي من الهند مفاده أن والدة زوجته المصابة بمرض السرطان، تم نقلها إلى المستشفى بعد تدهور حالتها الصحية. وبعد سماعه الخبر، عاد لاهيري على الفور إلى مدينة بوني في الهند ليكون بجانبها مع عائلته قبل أن يغادر إلى فيتنام بعد أسبوعين للمشاركة في سلسلة البطولات الدولية، وقد وردته لاحقاً الأخبار التي تفيد بأنه تم نقلها إلى وحدة العناية التلطيفية. لكن حالتها ازدادت سوءاً ولم يمهلها مرضها طويلاً؛ فقد توفيت والدة زوجته، بعد لحظات من إنهاء الجولة بنتيجة 65 تسديدة على ملعب أديليد. يقول لاهيري: «لقد مرّت الأسابيع صعبة على العائلة. كانت حماتي تعاني، وعاشت الكثير من الألم في الأيام الأخيرة من حياتها. نشعر بالارتياح لكونها ترقد بسلام الآن ومن دون ألم».

وأضاف: «من الصعب على أي أحد استيعاب هذه الأمور دفعةً واحدة، لذلك أحاول تفهم ما حدث. وأحزنني كثيراً أنني لم أكن بالقرب من زوجتي، إبسا، وأبنائي في تلك الأوقات العصيبة. وعلى الرغم من وجودي في أديليد جسدياً، إلا أن عقلي وتفكيري مع عائلتي. أعتقد أن هذه إحدى الآثار السلبية التي قد تطال أي أحد في مهنتنا، والتي علينا التعامل معها. كما أنني فخور للغاية بزوجتي».

بعد تلقيه للخبر المحزن وعدم قدرته حضور مراسم الدفن، حرص لاهيري على تركيز طاقته في لعبة القولف، واستمر بالمشاركة في الجولة مع منافسات سلسلة ليف قولف في سنغافورة، واحتل المركز العشرين.

حقوق الصورة محفوظة – دوغ ديفيليس / ليف قولف

وأفاد لاهيري بأن أداءه الكبير جاء من منظور جديد لمفهوم الحياة، وتكريسه في مسيرته بالملعب، وقال لموقع سلسلة بطولات ليف قولف: «لم يكن لدي أي توقعات عندما وصلت إلى فيتنام؛ فالعائلة كانت تمر بأوقات صعبة وكنا نعيش كل يومٍ بيومه».

وأضاف: «كان علي التركيز أو حتى البدء من جديد. وعلى الرغم من الظروف، إلا أنه يتوجب عليك النظر إلى الجانب المشرق، وأن تكون قوياً بما يكفي لتواجه الحياة. وما حدث خلال الأسابيع الأخيرة جعلني أعيد التفكير في بعض شؤون الحياة، وإعادة تحديد أهدافي من منظور شخصي. وأعتقد أنني تمكنت من تصفية ذهني والتركيز والمشاركة بشكل مكثف. في الواقع، أنظر إلى كل ما هو إيجابي في حياتي وأستمتع. أنا أمارس الرياضة من دون الشعور بالخوف، ولا أتسرع، وأمضي في مسيرتي رويداً رويداً».

لقد كان تبني هذا النهج صعباً عليه، وهو صعب أيضاً على جميع لاعبي القولف، غير أن الأسابيع القليلة الماضية سهّلت عليه المهمة.

ويفتخر المصنف الأول ضمن ترتيب الجولة الآسيوية لعام 2015، بكونه اللاعب الوحيد من الهند الذي يشارك في سلسلة بطولات ليف قولف. واليوم، بعد أن بلغ من العمر 35 عاماً، يسعد لاهيري برؤية أقرانه من الجيل القادم من لاعبي القولف يسيرون على خطى النجومية، مثل شوبشانكار شارما وأديتي أشوك، وأعرب عن استعداده لمساعدتهم ونقل الراية لهم.

يقول لاهيري: «في بداياتي، ساعدني جيف (ميلكا سينغ) كثيراً وأخذ بيدي خلال الجولة الآسيوية وفي جولة موانئ دبي العالمية. واليوم، أنا أحاول مساعدة اللاعبين الشباب».

وأضاف: «لقد حقق شارما إنجازات كثيرة خلال العقد الماضي، حيث نجح في الفوز بثمانية ألقاب وأصبح ضمن أفضل 60 لاعباً في العالم. كما قدم عرضاً رائعاً خلال بطولة أبوظبي HSBC للجولف، وفاز بالمركز السابع، وهو يمضي قُدُماً في خطواته نحو مستقبل واعد ومشرق».

أما على صعيد قولف السيدات، يقول لاهيري: «برزت أديتي في رياضة القولف، وحققت نتائج مبهرة هذا الموسم؛ فبعد فوزها في كينيا جاءت بالمركز الثالث في المغرب، ثم حلّت بالمركز الثاني في بطولة أرامكو السعودية النسائية الدولية بعد المصنفة الأولى عالمياً ليديا كو».

وأضاف لاهيري: «لا شك في أن منافسات الفرق، مثل سلسلة بطولات أرامكو وليف قولف، تسهم في تحسين وتطوير اللعبة، سواء في جولات الرجال أو السيدات. إنها أوقات مميزة وأشعر بالفخر لكوني أحد المشاركين فيها».