حقوق الصورة محفوظة – كريس تروتمان / من «ليف قولف» Getty Images
تستعد المملكة العربية السعودية خلال الأيام القليلة المقبلة لتتويج بطل الجولة الأخيرة من الموسم الثاني لبطولة ليف قولف التي تستقطب أشهر نجوم الرياضة لخوض منافسات تتسم بالحماسة والتشويق، وذلك على أرضية نادي وملعب القولف رويال غرينز بمدينة الملك عبدالله الاقتصادية في جدة.
فقد شهدت سلسلة البطولات التي تمتد طوال العام، قيام 12 فريقاً بالسفر حول العالم للمنافسة في البطولات المبتكرة المكونة من 54 حفرة، مع جوائز تبلغ قيمتها 25 مليون دولار أميركي لكل بطولة.
وتضمنت قائمة الفائزين لهذا الموسم عدداً من الأسماء البارزة في مشهد القولف، أمثال تشارلز هويل الثالث وداني لي، وتالور غوتش وكاميرون سميث وبريسون ديشامبو الذين فاز كل منهم مرتين خلال منافسات السلسلة، إلى جانب الفائز في جولة رابطة محترفي القولف الأميركية، بروكس كويبكا.
تجدر الإشارة إلى أن فريق سماش بقيادة كويبكا عاش موسماً حافلاً لا يُنسى، حيث تم تتويجه بلقب منافسات الفِرق بمدينة أورلاندو في فلوريدا، بفضل الفوز المذهل الذي حققه قائد الفريق. واليوم، يطمح الفريق الذي يضم إلى جانب قائده كلاً من شقيقه تشيس كويبكا وجيسون كوكراك والوافد الأخير ماثيو وولف، للدفاع عن اللقب ضمن مواجهات نهائي الأفراد قبل خوض غمار منافسات الفِرق بمدينة ميامي.
وعلى الرغم من أن كوكراك ينعم بأوقات رائعة مع «عائلته» (الأخوان كويبكا، وماثيو الذي حلّ محله ببيتر أويهلين في بداية الموسم)، إلا أنه يتطلع قُدماً للعودة إلى «رويال غرينز» في المملكة العربية السعودية، حيث حقق ذكريات جميلة العام الماضي.
وكان اللاعب الأميركي البالغ من العمر 38 عاماً قد سجل للمشاركة قبل انطلاق البطولة الثالثة من السلسلة العام الماضي على ملعب بيدمنستر ليتعاون مع صديقه المقرب بروكس كويبكا الذي حقق أول لقب له في بطولة ليف قولف تحت أنظار صديقه، بعد جولة فاصلة مع زميله بالفريق حينها، بيتر أويهلين، على ساحل البحر الأحمر.
وأفاد كوكراك خلال حديثه إلى مجلة جولف دايجست الشرق الأوسط، بأن منافسات بطولة ليف قولف تختلف عن بقية البطولات، وأضاف: «الأجواء مُغايرة ونمط اللعب فيها أسرع مع 48 لاعب قولف، فضلاً عن جودة البث التلفزيوني المباشر لفعاليات وأحداث البطولة».
ويستطرد كوكراك بقوله: «منذ العام الأول، أدركنا صعوبة المشاركة في هذه البطولة، لكن في الوقت ذاته كان بإمكاننا رؤية العديد من اللاعبين يستمتعون بخوض المنافسات في أجواء حافلة بالمرح والقليل من الموسيقى. كان بإمكاننا ممارسة الرياضة والتدرب مع أصدقائنا في أجواء مغايرة عن بقية المنافسات الأخرى.
ومع بدء الموسم الثاني للسلسلة، شهدت «ليف قولف» نقلة نوعية. لم يقتصر الأمر على إضافة وسائل ترفيهية أخرى وحسب، بل شهدت نمواً حقيقياً، سواء على صعيد الفِرق واللاعبين المشاركين أو التنظيم وكيفية العمل على أساس يومي.
كما أن تسلسل فعاليات البطولات أصبح أكثر سلاسة، حيث كان الجميع يتحدثون عن التطور الذي أحرزته البطولة في لندن، مقارنةً بالعام الماضي؛ فالمنظمون والقائمون على الحدث يكتسبون الخبرات عاماً تلو العام للارتقاء بهذا الحدث المرموق وازدهاره.
بالنسبة لي الأمر ممتع للغاية، ولكوني ألعب القولف منذ وقت طويل، فإنني أعرف جيداً مقدار الجهود المبذولة خلف الكواليس لتنظيم بطولة قولف. ومن الرائع أيضاً رؤية التقدم الكبير الذي أحرزته السلسلة خلال عام واحد فقط».
اليوم، أصبح كوكراك جاهزاً أكثر من أي وقت مضى لمساعدة فريقه في دخول التاريخ وتحقيق المزيد من النجاحات مع عودتهم إلى المملكة العربية السعودية، خاصة مع نمو العلاقة الوطيدة التي تجمع أعضاء الفريق على الرغم من التغيير.
يقول كوكراك: «في منافسات العام الماضي لم يتركنا بيتر أويهلين، إذ شاركنا اللعب، أما الآن فلدينا ماثيو وولف. يمكن القول إن الفريق شهد تغيراً طفيفاً».
وأضاف: «كان التغيير وانتقال اللاعبين سلساً وخالياً من أية مشكلة؛ بيتر يعيش بالقرب من بروكس كويبكا وتشيس ويلتقون بعضهم بعضاً طوال الوقت.
ولكون تشيس وبروكس شقيقين، فمن السهل تقوية الروابط بين أعضاء الفريق. إن صداقتي مع بروكس تعود إلى سنوات عديدة ونتقابل كثيراً على أرضية الملاعب وخارجها. لذلك يمكن القول إن أمور الفريق جيدة.
وبغض النظر عن الفريق الذي تنتمي إليه، حتماً ستكون هناك خلافات. لكن فريقنا مختلف نوعاً ما، لكونه يضم الأخوين كويبكا.
أحياناً نشعر بأجواء من التوتر بين الأخوين، خاصة مع المكانة التي يشغلها بروكس في مشهد رياضة القولف خلال الأعوام السبعة أو العشرة الماضية.
لا شك في أنهما عاشا موسماً رائعاً خلال العالم الماضي، لكن الحظ لم يكن حليف تشيس هذه المرة. لذلك نأمل أن ينجح في الخروج من أجواء الإحباط وأن يحظى بأسبوعين جيدين لإنهاء الموسم في جدة وميامي».
جدير بالذكر أن كوكراك لا يخشى البوح بأفكاره للقائد بروكس، حتى لو كانت تتعلق بالقائد البطل الذي فاز بخمس بطولات كبرى منذ بدء مسيرته الاحترافية.
يقول كوكراك: «بروكس لاعبٌ من عالمٍ آخر؛ فبعد الفوز بالبطولة الكبرى الأخيرة (جولة رابطة محترفي القولف الأميركية 2023)، عاد مباشرةً للعمل والتركيز للفوز ببطولة أخرى. لذلك تجدني أعمد بين الحين والآخر إلى التخفيف من حماسته، وأقول له: «استمتع بهذا الإنجاز لبعض الوقت». لكن الأمر لا يقتصر على العمل دائماً، يتوجب الترفيه عن النفس لبعض الوقت، وآمل أن يفعل ذلك مع وصول مولوده الجديد أيضاً، ويعيش أجواء العائلة أكثر في هذا الشهر الأخير من الموسم».
وأضاف: «أعتقد أن هذه الميزة أوفرها له دائماً، إذ أستمر في أن أكون سنداً له وأشجعه على أخذ الأمور بروية من حين لآخر.
وعند الأخذ بالاعتبار عدد البطولات الكبرى التي فاز بها، فإن بروكس يعد من نخبة لاعبي القولف، وهذا الإنجاز لم يأتِ من فراغ، إذ خاض غمار جولة التحدي والجولة الأوروبية، ثم شارك في جولة رابطة محترفي القولف الأميركية متفوقاً على جميع خصومه. معظم اللاعبين لا يتحلون بهذا النوع من الإصرار، ولا يسعون لخوض غمار التحدي للارتقاء بمستوياتهم والإطاحة بخصومهم الأسبوع تلو الآخر. في واقع الأمر، يتوجب على بعض اللاعبين تعلم الكثير من بروكس للنجاح والفوز بالبطولات الكبرى».
وعلى الرغم من كونه اللاعب الأكبر سناً في «سماش»، إلا أن كوكراك يحاول مواكبة زملائه الأصغر سناً في الفريق والتعلم منهم، ويقول: «ما زلت أتعلم من بروكس، وهو غالباً ما يجعلني أشعر بالحماسة. إنني أعيش أفضل أوقاتي وصحتي جيدة كما لو أنني كنت في سن الـ 38 عاماً. وأعتبره شخصاً أتطلع إليه بوصفه مثلاً أعلى يُحتذى، الأمر الذي يدفعني للمثابرة وتقديم أفضل ما لدي لجعل القائد فخوراً».
وأضاف: «لقد عشت لحظات من التخبط خلال العام الماضي، لكنني اليوم أفضل حالاً، وأطمح لإنهاء هذا العام بقوة. وفي حال لعبت بشكل جيد، فإنني سأتمكن من مساعدة الفريق، إذ إننا جميعاً نريد صعود منصة التتويج من جديد».
واستطرد كوكراك: «الملعب في جدة ليس سهلاً ويحفل بالعوائق والتحديات، وعادةً يتطلب الأمر بضع جولات فيه لدراسة المسارات جيداً والتعود عليها. إضافة إلى ذلك، عادة ما تكون الأجواء عاصفة والرياح قوية، الأمر الذي يزيد من صعوبة الأمور بالنسبة لي وجميع اللاعبين على حد سواء. لكن حقيبتي الآن تضم مضارب جيدة تساعدني في التسديدات الطويلة والقصيرة. آمل أن يكون أدائي بمستوى يليق بالفريق».
خلال هذا اللقاء لم يتمكن كوكراك من إخفاء ابتسامته التي ارتسمت على مُحيّاه عندما تطرق إلى الأحداث المشوقة التي شهدتها المنافسات النهائية العام الماضي، على الرغم من مشاركته فيها.
عن هذا الأمر يقول كوكراك: «الأجواء كانت أشبه بإعصار، يأخذنا تارة إلى اليمين وتارة أخرى إلى اليسار، وهكذا كنا نتخبط. أتذكر أنني كنت وتشيس نسير عندما بدأنا نشعر بالتوتر بينما كنا نقترب من الحفرة رقم 18 التي تتألف من خمس ضربات، حيث كان اللاعبون يتنافسون فيما بينهم (فاز كويبكا في نهاية المطاف بالحفرة الثالثة الإضافية). كنا نذهب إلى خيمة اللاعبين لإحضار بعض الطعام والمرطّبات ونعود إلى المسار من جديد، ثم نسير خلف بروكس وبيتر جاهزين للاحتفال من دون علم سابق بمن سيفوز، هل سيكون بروكس أم بيتر؟
وأضاف كوكراك: «لقد شكّلت لحظة مميزة للغاية، وبطبيعة الحال كنا نعلم من الفريق الفائز، لكن كيف؟ إن مشاهدة زميلين في الفريق، صديقين وجارين، يتنافسان على الحفرة الأخيرة كان شيئاً مختلفاً. كنت أدرك مستوى التنافسية الذي يتمتع به كل من بروكس وبيتر على حد سواء، غير أن روعة أدائهما قل نظيرها. كانت حقاً تجربةً لا تنسى ونحن نسير على أطراف الحفرة الثامنة عشرة موقنين أن أحد أعضاء الفريق سيحقق الفوز، وفي نهاية المطاف سيكون الفوز حليفنا. سأتذكر هذا اليوم ما حييت».
كان كويبكا سعيداً بالفوز، رغم أنه كلفه كثيراً.
بعد الفوز أوضح كويبكا أهمية الفوز بالنسبة للفريق، وأضاف: «لقد وعدت أخي أن أشتري له سيارة لمبورغيني في حال فوزنا بمنافسات الفرق. والآن علي الإيفاء بوعدي. من الرائع دائماً منافسة الأصدقاء؛ فالأمر مميز بلا شك».
يقول كويبكا: «روح الفريق لا مثيل لها؛ فنحن نعرف بعضنا منذ وقت طويل، وهذا ما يبحث عنه كل لاعب قولف، التنافس مع أصدقاء جيدين وتقديم الأفضل. إن عنصر الفريق مهم للغاية، وقد بث في نفسي روح المنافسة».
ومع اقتراب الموسم من نهايته، يعلم كوكراك أنه لا يزال هناك الكثير من العمل الشاق للقيام به، خاصة مع وجود بعض الأمور الخاصة به غير المكتملة.
يقول كوكراك: «عندما نشارك في أية بطولة، فإننا نضع نصب أعيننا الفوز، لكن العودة إلى المملكة للدفاع عن اللقب الذي حققناه العام الماضي، تعد أمراً مختلفاً بكل تأكيد. ولا يزال يتعين علينا القيام بأمور عدة والسفر إلى المملكة وتقديم أفضل وأقوى أداء لنا. لقد كان من الرائع صعود منصة التتويج وتحقيق أول لقب لفريق سماش، وأتطلع قدماً لاعتلاء المنصة من جديد».
وأضاف: «أشعر أنني في أحسن حال. على كل حال، أرغب في تحقيق أكبر عدد من الانتصارات، لكن الأمر ليس صعباً، نظراً لوجود 14 منافسة للأفراد. كل ما أرغب به هو تقديم أفضل ما لدي حتى نهاية مسيرتي الاحترافية، حيث أسعى دائماً إلى الفوز بأكبر قدر من الأموال، والتقاعد عندما أبلغ الـ 44 عاماً وقضاء المزيد من الوقت مع طفلي (ستة وأربعة أعوام)، ومشاهدتهما وهما يكبران وحضور جميع ألعابهما التي يشاركان بها. لدي شعور بأنني قادر على تحقيق هذا الهدف وأتطلع قدماً لذلك اليوم».
ومع ذلك، ثمة أمرٌ من شأنه أن يُعكّر صفو فريق سماش، إذ إن اللاعب تشيس موجود ضمن «قائمة الإقصاء» المخيفة، حيث سيتم استبعاد آخر أربعة لاعبين في التصنيف من منافسات عام 2024 قبل خوض منافسات إقصائية ضد أفضل اللاعبين في الجولة الآسيوية.
يقول كوكراك: «نعيش أجواء مختلفة ومشاعر متفاوتة، لكنني أحاول تقديم أفضل ما لدي والاستمتاع بالأجواء».
وأضاف اللاعب الأميركي: «في كل مرة، نشهد على أسماء جديدة في المنافسات وأخرى يتم إقصاؤها، وأسماء تنتقل من فريق إلى آخر، لكن هذا كله في صميم التجربة الجديدة. عليك العمل بجد وتحقيق النتائج، لكن أحياناً يتوجب عليك الاسترخاء وأخذ قسط من الراحة وتعلم الاستمتاع بالوقت.
لم أفكر مسبقاً بأن أكون ضمن الأربعة مراكز في نهاية الترتيب، مثل تشيس. لكن في عامي الأول ضمن جولة رابطة محترفي القولف الأميركية، كنت على وشك خسارة بطاقة المنافسة مع تبقي أربع بطولات على نهاية الموسم. كان علي البحث عن الحلول والتفكير بشيء مميز، الأمر الذي حفزني لإنهاء المنافسة والنجاح بالحصول على المركز الثاني، وأخرى ضمن الـ 15 الأوائل، عندها تمكنت من المحافظة على بطاقة مشاركتي في المنافسة. ودائماً ما أسعى إلى لعب أفضل ما لدي، خاصة عندما أكون في وضع حرج. لا يوجد حل لمن يأتون في نهاية الترتيب سوى بذل المزيد من الجهد والصعود. لقد كان عاماً طويلاً وصعباً عليهم. أشعر بمعاناتهم لأن القولف رياضة صعبة ولا ترحم.
بطبيعة الحال، هذا الأمر لا يعني نهاية العالم أو تحقيق مسيرة احترافية، إذ بإمكانهم المشاركة في جولات ومنافسات أخرى بعد الإقصاء، حتى يتمكنوا من العودة وتبوؤ الترتيب من جديد. أعتقد أن عليهم الاستفادة من هذه التجارب التي تشكّل تجربة معرفية، والاستمتاع بأكبر قدر ممكن لأن هذه السلسلة على مستوى عالٍ من التنافسية. فهناك على الدوام طريق للعودة، فقط العب القولف بشكل جيد».
ويستطرد كوكراك قائلاً: « وجود أحد أعضاء الفريق في المراكز الإقصائية يدفعني لمتابعة نتائجه أكثر مما أفعل عادة، أكثر من العام الماضي، حيث قدم أداءً مميزاً. لكنه الآن في مرحلة من الإحباط وأتمنى أن يتمكن من المحافظة على رباطة جأشه وتحقيق نتيجة كبيرة في الحدث الأخير للخروج من هذه المراكز. أشعر بما يمر به، لكن عليه المثابرة والوقوف من جديد بعد السقوط، هذه الأمور واردة الحدوث».
من جهته توجه بروكس ببعض كلمات لتشجيعه، وأضاف: «أخبرته أنني كنت قد مررت بهذه المرحلة من قبل، وأنني في أدنى مستوياتي. إنه يحاول جاهداً، وهذا أمر جيد، لهذا لم أتخلَ عنه. أنا فخور به. أعلم أنه يشعر باليأس، لكن الأمور في نهاية المطاف ستعود إلى مسارها الصحيح، وهذا ما أقوله له باستمرار. لقد عشت في هذه الكبوة منذ عامين، ولم تلبث أن عادت الأمور إلى مجراها الطبيعي».